حيوان

“على الأرض حيوان، له قامة طويلة، و أذرع قريبة الشبه بأذرع الشيمبانزي، أما الساقان فضامرتان و في نهايتهما أقدام عريضة، أما في القمة فكتلة صلبة مغطاة بالشعر، و فيها ثقوب عديدة، في المقدمة و على الجانبين. و هذا، الحيوان يستخدم الثقب الأمامي، و خاصة العريض في أسفل الكتلة الصلبة، في القرض و الغناء و الصفير، و أيام الشتاء يستخدمه للتنفس، أما أيام الرعب فإنه يستعمله لغرض واحد فقط، و هذا الغرض لم يعرف له اسم محدد بعد، قال بعضهم للدفاع عن النفس، و قال آخرون للقتل، أما الكثرة الغالبة، فتؤكد أن الاستعمال الوحيد لهذا الثقب في زمن الرعب، يكون للقتل أو الانتحار!

هناك اعتقاد واسع أن هذا الحيوان سوف ينقرض خلال فترة قصيرة، و في حال انقراضه ستحتفل الحياة، لأن ذهاب هذا الحيوان بداية السعادة الحقيقية على الأرض!

متى نشأ هذا الحيوان؟ كيف نشأ؟ لا أحد يعرف. أفاقت الحيوانات، ذات يوم، فإذا بها تجد نفسها أمام شيء جديد، لم تألفه من قبل. و قد حاولت كثيراً أن تقيم صلات عاقلة مع هذا الحيوان. وافق في البداية، لكن مع الأيام، أخذ يوقع بينها و يقتلها، و قد تسبب في انقراض أعداد هائلة من الحيوانات الرائعة التي كانت تعيش على الأرض، و لما تكشفت نوايا هذا الحيوان الجديد، ابتعد عنه الجميع، ذهبوا بعيداً و تركوا له كل شيء، لكنه لم يكتف، بدأ يحاصر الحيوانات و يقتلها في كل مكان، و لما يجد شيئاً يقتله أخذ يقتل بعضه. و هكذا بدأت المجازر، بدأت منذ آلاف السنين و لم تتوقف. و لذلك يعتقد أن انقراض هذا الحيوان، أصبح وشيكاً خاصة و أن الطرق التي يتبعها في القتل الآن تطورت كثيراً، و أصبحت فعالة بحيث لا تخطئ أبدا!.”

وصف استوقفني كثيراً كتبه الشاعر عبد الرحمن منيف في مستهل روايته “شرق المتوسط”. وصف و على الرغم من تكوينه الخيالي يقترب حد التصوير من الكائن الموصوف، ارتأيت مشاركتكم إياه في أولى محاولاتي التدوينية على موقعكم، ربما لما تركه من بالغ الأثر في نفسي عند قراءته أول مرة و لكثرة ما استحضرت جوانب تشابهه مع أحداث حياتنا وحياة أحداثنا.

سعيدة بانضمامي لموقعكم و أتطلع لمشاركة أكبر في المستقبل القريب.